د. محمد مسعود مدير المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء :«البناء الأخضر».. يُحقق رؤية مصر 2030
مجهوداته على أرض الواقع هى عنوانه، لكونه أحد حوائط الصد الحقيقية لضمان منشآتٍ آمنة لحياة المواطن؛ أما أعضاؤه فمشهود لهم بالتميز فى كل المشروعات التى تجرى على قدم وساق فى أنحاء الجمهورية بدءاً من خلطة الخرسانة مروراً بمواسير المياه، حتى أضخم المنشآت وأعلاها والتى تحمل بصمته لتشكيل معمار جديد يليق بـ الجمهورية الجديدة؛ حيث يكون هو المشرف على جودتها؛ إنه المركز القومى لبحوث البناء والإسكان.
يترأس المركز د. محمد مسعود ويسعى لأن يكون المركز ضماناً حقيقياً لمشروعات آمنة للمواطن المصرى. وبمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيسه كان لنا هذا الحوار مع د. مسعود لنلقى الضوء على الهدف الذى أنُشئ المركز من أجله، وأهمية التقارير التى يصدرها، ورؤية 2030 فى توفير منشآتٍ خضراء تتواكب مع التنمية المستدامة وغيرها من التفاصيل:
ماذا عن فاعلية المركز بمناسبة مرور ٧٠ عاماً على تأسيسه؟
افتتح شريف الشربينى وزير الإسكان المؤتمر الدولى الذى ينظمه المركز بعنوان: «النظرة المستقبلية وتحديات التنمية العمرانية.. البناء الأخضر الذكى والمستدام بين الحاضر والمستقبل» ويأتى تزامناً مع مرور ٧٠ عاماً على تأسيس المركز. والمؤتمر يُقدم فرصة لتبادل الخبرات الدولية والمحلية، كما سيتم تناول الفرص والتحديات الخاصة بالاستدامة والمرونة من خلال محاور المؤتمر، وذلك فى محاولة للتغلب على الأزمات وتغير المناخ بما يحقق الملاءمة الاقتصادية وجودة الحياة.
منشآت آمنة
ما الهدف من إنشاء هذا المركز؟
أنُشئ هذا المركز فى عام 1954 ويُعتبر من أقدم المراكز البحثية فى مصر وكان تحت مسمى معهد بحوث البناء.. وفى عام 2005 صدر قرار بإعادة تنظيمه ليصبح المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، ويتبع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية؛ كما نسهم فى إدارة المنظومة الفنية للبناء والإسكان فى مصر للوصول لأعلى جودة للمنشآت المختلفة والوصول إلى منشآت آمنة واقتصادية.
كيف يسهم المركز فى إعادة تدوير مخلفات البناء؟
تمثل تجربة إنتاج وحدات بناء من مواد مُعاد تدويرها كبديل للمواد الطبيعية بنسبة 100% التجربة الأولى فى مصر والتى تشمل: تطبيق جميع مراحل جمع وفرز وتكسير وتصنيع المخلفات تحت إشراف علمى، مما يساهم فى جهود الدولة فى تحقيق الاستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية ويساعد فى وضع حلول عملية لإنشاء محطات ثابتة ومتحركة لتدوير مخلفات البناء والهدم على مستوى الجمهورية، كما يقوم المركز بدراسة تطبيقاتٍ جديدة لتدوير مخلفات البناء تشمل: إنتاج بلاط الأرصفة وحواجز الطريق الخرسانية وإنشاء الطرق باستخدام مخلفات البناء والهدم بهدف الحفاظ على البيئة ودعم الاقتصاد الوطنى.
ما الدور الذى يسهم به المركز فى «حياة كريمة» باعتبارها مبادرة قومية تنطوى على كثير من الإنشاءات المختلفة؟
باعتبارنا الهيئة أو الجهة الاستشارية للدولة يقوم المركز باختبار كل المواد المُستخدمة فى مشروعات المبادرة على اختلافها سواء إنشائية أو معمارية أو خدمية، وإعطاء تقارير عن مدى صلاحيتها للتأكد من جودتها بما لا يؤثر على سلامة هذه المنتجات. وتتأكد الجهات الحكومية من التقارير التى يصدرها المركز عن طريق معاهده، حيث تقوم الجهات المُنفذة وشركات المقاولات بإحضار العينات لاختبارها والوقوف على ضمانة جودتها بدءاً من مواسير الصرف أو مياه الشرب، ومدى ملاءمتها من ناحية التحمل أو عدم تلوث المياه.
إعادة تنظيم
ما تقييمكم لمبادرة «حياة كريمة» خاصة ما يتعلق بما يدور بالقرى؟
ما يحدث فى إعادة تأهيل البنية التحتية فى القرى والنجوع هو مشروع القرن مقارنة بما يحدث فى أى بلد آخر على مستوى العالم.. وهذا من واقع زياراتى المتكررة إلى بلاد كثيرة فى العالم.. وأرى أن ما لا تستطيع منعه يجب أن تقوم بتنظيمه.
الحال الذى وصلت إليه القرى والمناطق العشوائية بسبب البناء العشوائى خلّف وراءه حالة من انتشار الأمراض والأوبئة مما ترتب عليه وجود بيئة وحياة غير آمنة وغير آدمية، ربما اعتاد عليها المواطنون لفترة طويلة بسبب انعدام الخدمات والبنية التحتية بشكل كبير.
كما أن هذه العشوائيات خلقت نوعاً من الأجيال الجديدة التى نشأت على المشاهد السلبية وعدم تذوق الجمال. إذن إعادة تأهيل مثل هذه المناطق هى مبادرة لحفظ آدمية المواطن.
هل سقف طموح المواطن ارتفع بعد البدء فى تنفيذ المبادرة؟
لا أنكر هذا وإن كان من حق المواطن أن يحصل على أكبر قدر من مساندة الدولة باعتباره أحد أبنائها وهذا شعور صحى إلا أننا يجب أن نعى أن هدف هذه المبادرة ليس تحقيق الأحلام وتقديمها على طبق من فضة بقدر ما هو حرص على توفير الحد الأدنى للناس لكى يعيشوا حياة كريمة ولكى يشعروا بآدميتهم.
لماذا لا نعالج مشكلة تكرار الحفر فى نفس المكان؟
اعتمدنا الأسلوب الأمثل المُتبع فى بناء البنية التحتية فى المجتمعات المتقدمة والتى قمنا بتنفيذها فى المدن الجديدة وعلى رأسها: العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن تكمن صعوبة تنفيذها فى القرى بسبب ضيق الشوارع بها من جانب، بخلاف المنازل التى تم بناؤها بشكل عشوائى والتى لم يراعِ فيها الحيز بينها.
البناء الأخضر
ما دور المركز فيما يسمى بالبناء الأخضر كأحد محاور التنمية المستدامة لخطة 2030؟
قام المركز بالتعاون مع وزارة التضامن بالإشراف على تنفيذ حضانة صديقة للبيئة فى منطقة سيوة بمحافظة مطروح وتم استخدام خشب الجزورين وهو أحد الأشجار المتوافرة محلياً بدلاً من الاستعانة بالخرسانة التقليدية، وعمل التقييمات اللازمة لها.
وتأهيل المنشآت والمبانى ومراكز رعاية ذوى الهمم وكبار السن إلى مبانٍ خضراء مطابقة لأكواد البناء الأخضر وهى مؤهلة لكى تتواءم مع التغيرات البيئية الراهنة. وفى إطار استراتيجية الدولة لتحقيق رؤية مصر 2030، والتى تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة فى جميع المدن والقرى المصرية، حيث وجهت القيادة السياسية جميع الوزارات بالتوسع فى تفعيل وتحسين منظومة العمران فى ربوع مصر قام المركز بالتعاون مع غرفة صناعة مواد البناء بغرض ربط البحث العلمى بالصناعة.
كما ساهم فى تطوير قطاع التشييد والبناء بما يخدم الأفراد والمجتمع والبيئة وذلك بإجراء الأبحاث والدراسات العلمية والتطبيقية فى مجال التشييد والعمل على وضع الحلول العملية للمشاكل التى تعترض صناعة مواد البناء.
ما أبرز المشروعات الكبرى التى قام المركز بالمشاركة فى تنفيذها أو المساهمة فى بنائها؟
المركز له دور فى إنشاء اكبر مدينة علاجية فى الشرق الأوسط بمستشفى معهد ناصر، خلاف المشروعات التى نشترك فى إنشائها مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهيئة المجتمعات العمرانية، وهيئة التنمية الصناعية، فهذه الهيئات تقوم بجهد غير طبيعى سواء فى توفير الإسكان الاجتماعى وبناء الطرق وإنشاء الكبارى والمساهمة فى توفير فرص للمصانع.
هل يوجد بروتوكول تعاون بينكم وبين الجهات الدولية للاستفادة من إمكانيات المركز؟
قام المركز بتوقيع مذكرة تعاون مع «شركة إعمار» للاستشارات الهندسية بالمملكة العربية السعودية وذلك بهدف التعاون فى مجال البناء الأخضر المستدام.
وكذلك تقديم الخدمات الاستشارية والاختبارات المعملية بأعلى مستوى جودة لما يملكه المركز من إمكانات وأجهزة علمية وكوادر بحثية متفردة. والمشاركة والتعاون فى تطوير المشروعات الهندسية والتطلع إلى بناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد لتحقيق التكامل والتعاون المثمر لتطوير مستدام ومبتكر فى مجال البناء، هذا بالإضافة إلى تبادل الخبرات وتقديم الدعم الفنى فى مجال الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة والمبانى الخضراء.
ما الدور الاجتماعى الذى يقوم به المركز تجاه المصنعين الشباب؟
نذهب إلى أصحاب المصانع أو حتى الجهات شبه الصناعية للوقوف على معرفة مشاكلهم حرصاً من المركز لتوفير أسواق جديدة لهم، أو الحد من خسائرهم، أو تقديم مشورة فى تصنيع منتجاتٍ نحن فى حاجة إليها للمشروعات القومية، أو تعديل منتجاتهم بما يتواءم مع المستهلك.